تابعت مرثا سليمان
من روائع الأدب العالمي......... َ
دخل مليونير سجناً على جزيرة نائية تمهيداً لإعدامه، ولأنه مليونير فقد قرر رشوة حارس السجن لتهريبه من جزيرة السجن بأي وسيلة وأي ثمن يريده، فأخبره الحارس بأن
الحراسة مشدّدة جداً وأنه لا يغادر الجزيرة أحدٌ من المساجين إلا في حالة واحدة وهي الموت ..
ولكن إغراء الملايين جعل الحارس يبتدع طريقة غريبة للهرب وأخبر بها المليونير
وهي كالتالي ..
إسمع ياسيّدى: الشيء الوحيد الذي يخرج من جزيرة السجن بلا حراسة هي توابيت الموتى، يضعونها على سفينة وتنقل مع بعض الحراس إلى اليابسة ليتم دفنها بالمقابر بسرعة مع بعض الطقوس البسيطة ثم يرجعون إلى الجزيرة، والتوابيت تنقل
يوميّاً عند العاشرة صباحاً في حال وجود موتى والحل الوحيد هو أن تلقي بنفسك في أحد هذه التوابيت مع الميت الذي بالداخل وحين تصل إلى اليابسة ويتم دفن التابوت سآخذ فى هذا اليوم إجازة طارئة وآتي إليك بعد نصف ساعة لإخراجك وبعدها تعطيني ما إتفقنا عليه وأعود أنا للسجن وتختفي أنت وسيظل إختفاؤك لغزاً وهذا لن يهم كلينا، فما رأيك ..؟؟
فكّر المليونير قليلاً ثمّ قال: إنّها خطّة مجنونة ولكنها تبقى أفضل من الإعدام على أى حال ..
وفى النهاية وافق ..
إتّفقا على أن يتسلل إلى دار التوابيت ويرمي بنفسه في أول تابوت من على اليسار هذا إن كان محظوظاً وحدثت حالة وفاة ..
وفي اليوم التالي ومع فسحة المساجين تسلل المليونير لدار التوابيت فوجد تابوتين، في البداية أصابه الهلع من فكرة التواجد مع ميت في تابوت واحد، ولكن مرّة أخرى تنتصر غريزة البقاء، ففتح التابوت وهو مغمضاً عينيه حتى لايصاب بالرعب ورمى بنفسه فوق الميت الذي بالداخل وإنتظر حتى سمع صوت الحراس يهمّون بنقل التوابيت إلى سطح السفينة ..
بدأ يستشعر الإنتقال خطوة بخطوة ..
رُفع للسفينة وأحسّ بحركتها فوق الماء وإشتمّ رائحة البحر، حتى وصلت السفينة إلى اليابسة وأنزل الحرّاس التابوت وسمع تعليق أحدهم عن الثقل الغريب لهذا الميت، فشعر بخوف وقلق وتوتر، وسرعان ما تلاشى هذا التوتّر عندما سمع حارساً آخر يسخر من المساجين ذوي السمنة المفرطة فإرتاح باله قليلاً ..
هاهو الآن يشعر بنزول التابوت إلى الحفرة وصوت الرمال تتبعثر على غطائه وثرثرة الحراس بدأت تخفت شيئاً فشيئاً،
وهاهو الآن مدفون على عمق ثلاثة امتار مع جثة رجل غريب وظلام حالك والتنفس
اصبح أصعب مع كل دقيقة تمر ..
لا بأس هو لا يثق بذلك الحارس ولكن يثق بحبّه للملايين التى وعده بها و التى جعلته يؤكد
أنه سيأتي ولن يكون الوعد ..
إنتظر المليونير فى القبر، وتململ، وبدأ نفسه يتسارع ويضيق صدره بالأكسجين، ودرجة الحرارة فى الأسفل خانقة ..
لا بأس عشر دقائق تقريباً وبعدها سيتنفس الحرية ويرى النور مرة أخرى .. هكذا كان يحدّث نفسه ليقتل الوقت
بدأ يسعل ..
ومرت 10 دقائق أخرى ..
الأكسجين على وشك الإنتهاء وذلك الحارس لم يأتِ بعد .. !!
سمع صوت آتٍ من بعيد جداً ..
تسارع نبضه لابد أنه الحارس اللعين أخيراً ..
لكن الصوت تلاشى ..
شعر بنوبة من الهستيريا تجتاحه ..
تُرى هل تحرّكت الجثة .. !!
صوّر له خياله أن الميت
يبتسم بسخرية ..
تذكّر فى هذه اللحظة أنه يمتلك كبريتاً في جيبه ..
أخرج الكبريت ليتأكّد من ساعة يده
لابد أنه لازال هناك وقت ..
أشعل عود كبريت وخرج بعض النور رغم قلة الأكسجين ..
قرّب الشعلة من الساعة ..
لقد مرّت أكثر من 45 دقيقة .. !!
هو الهلع إذاً ..
خطر على باله أن يرى وجه الميت .. !!
إلتفت برعب وقرّب الشعلة ليرى آخر ما كان يتوقّعه في الحياة .. !!
وجه الحارس ..
تأليف ألفريد هيتشكوك .. 1964