كتب هدي مصطفي عبد العزيز
تمر الايام وتتسارع السنوات في تغيير ملامح وأفكار واتجاهات واراء الناس باستمرارفينسى الآباء انهم كانوا في يوم من الايام اطفالا وشباب يرفضون ويتمردون علي رغبات واوامر ابائهم ويتصورن من وجهه نظرهم ان هذا تعنت وجمود من ابائهم وتقليلا من شأنهم.
وفي الجهه الاخري يغيب عن اذهان وعقول معظم الابناء والشباب انه سياتى يوما يقفون امام ابنائهم و يفرضون عليهم ما يرونه انسب من وجهه نظرهم في كل شيء، ويحددون لهم الخطأ والصواب، ويقسون عليهم احيانا.
وبين نسيان وسهو الآباء وطموح ورغبات وتوجهات الابناء وفكرهم المتطور المستمر ، تتجدد مشكلة مستمرة وكبيرة طالما بقيت الحياة وهي (صراع الاجيال) وما يخلف عنه من الفجوة الناشئه بين الاباء والابناء بكل جوانبها سواء
ورغم ان لكل زمن خصائصه، وكل يرى ان زمنه اكثر حساسية من غيره..
وعليه فاننا نرى ان زمننا وايامنا وعصرنا كذلك، يتمتع بخصوصية كبيرة ساعدت في تباعد الفجوة بين الاجيال
بسبب ما دخل في عصرنا الحديث من تطور متسارع لم تشهد له الحقبات الماضية مثيلا..
وتطورا هائلا بالتكنولوجيا التي حولت العالم الى قرية صغيرة
فجوة الأجيال هي نتيجة حتمية للتطورالاجتماعي البشري والتغيرات التي تطرأ على نمط الحياة مع تقدم الزمن، لذلك لا يمكن لوم الآباء أو الأبناء على حدوثها، مع ذلك يبقى الأبوين هم من يمتلك كفة العقل الراجحة وعليهم أن يتجنبوا القيام بما يزيد من هذه الفجوة.
فتعتبر اكثر الفجوات اساسا للاختلافات بين الجيلين اللاحقة هي الفجوة العمرية ، فبقدر ما يبتعد جيل الآباء زمنيا عن جيل الابناء، تتسع الفجوات الاخرى، وتضيق مساحة الالتقاء الفكري والثقافي وحتى اللغوي واللفظي .
فهذا الاختلاف الكبير في الاعمار خلق مسافات متباعدة من الثقافة والعادات والتقاليد والافكار والاتجاهات مما ساعد في بروز اكبر للمشكلة.
وبما ان لكل عصر طريقة تفكيره وقناعاته واسلوبه نتجت الفجوة الفكرية وخلقت حالة فكرية معينة لدى ابناء الجيل الواحد وفيما بينهم ، تختلف مع نظيراتها في الاجيال السابقه عنهم .
ناتي ايضا الي العادات والتقاليد فمع تغير اسلوب وشكل الحياة الدائم والمستمر ودخول مستجدات جديدة وخروج اخرى، تتغير العادات والتقاليد بشكل مستمر وهادئ، ربما لا يلاحظه الشخص في نفس الوقت الا ان هذا الاختلاف يظهر بشكل واضح في اختلاف العادات والتقاليد بين جيل واخر .
اما ايضا عن أنماط الحياة كذلك تتغير واسلوب المعيشة ايضا
فمثلا نمط الحياه الثقافية والتعليمية فكثير من الآباء يجهل ما هو الكمبيوتر والايباد على سبيل المثال والعكس ايضا تجد الابن او البنت من اشد المولعين به وبما يحتويه من مواقع ومنصات واستخدامات .
بعد كل هذا فالمشكلة الاساسية ياسادة التي تخلق مثل هذه الفجوات وتجعل منها صراع تتمحور في (التربية)
فاكبر المهام واهمها التي توجد على عاتق الآباء هي مهمة التربية في كل شيء سواء الدينية والأخلاقية والسلوكية والثقافية والاجتماعيةِِ وغيرها.
لذا فان اي خلل فيها يؤدي بالتالي الى خلل في المهمه التربوية بالكامل
ونري في ظل هذه الفجوة اصبحت المهمه التربوية تفتقر الى العديد من مقومات النجاح، ومن هذه الاسباب :
المستجدات الدخيله علي عصرنا _ اصبح جيل الابناء والشباب يواجه العديد والعديد من الافكار والتحديات، تتسبب له في ضغط نفسي كبير، رغم ان هذا يلزمنا بمزيد من الجهود في التربيه والوعى والمزيد من التفهم لمعاناتهم.
يقول جبران خليل جبران (أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة) وهذا واحد من أكبر الأِشياء التي على الاباء تفهمها، حيث يسعى معظم الآباء لصنع شخصيات محددة يرغبون بها لأبنائهم، ويغيب عن بالهم ما يرونه ويحبونه ليس بالضرورة أن يرغب فيه ابنائهم، لذلك يجب عدم إجبار الأبناء على تقمص شخصيات لا يريدونها وتفهم رغباتهم التي يريدونها هم.
طريقة الانتقاد التي يستخدمها الاباء مع الابناء وعدم مراعاه ان الانتقاد لا يولد الا العناد والتمادي في الخطأ، وخاصة اذا كانت بصورة تحقيرية او استفزازية، يجب الاعتماد على اسلوب التوجيه لنجاح عمليه الاقناع
افتقار وغياب لغة الحوار الهادئ والنقاش الهادف السلس ولذلك ادي الي اتساع الفجوة بين الآباء من جهة وبين الشباب من جهة اخرى.
من الضروري البحث عن طرق لايصال الرسالة والهدف التربوي من الآباء لابنائهم على اكمل وجهِ وان على الآباء التعامل بشكل مناسب مع الابناء، وبطريقة يحترم فيها حق الابناء في الاختلاف وابداء الرأي
فلابد من الإنصات والاستماع للأبناء وإتاحة الفرصة للأبناء للتعبير عن أنفسهم والاستماع لهم دون مقاطعة والاطلاع على أفكارهم ومخاوفهم وطموحاتهم .
التفهم والاستيعاب وخاصةً إذا كان الأبناء في مرحلة المراهقة، قد تبدو بعد التصرفات التي يقومون بها سخيفة بعض الشيء، لكن يجب تذكر أن الجميع تعرض لكثير من التجارب المتشابهة، لذلك يجب التفكير بطريقة تناسب أعمارهم وليست بطريقة الإنسان الناضج.
الانفتاح وتقبل التغيرات فالعالم اليوم مختلف عما كان عليه في السابق عندما كان الاباء في مرحلة المراهقة، واختلفت معه الاهتمامات وأسلوب الحياة وتطورت فيه ثقافة مختلفة أيضاً.
فليدرك الآباء انهم يصنعون جيل قبل ان يربوا ابناءهم، وان بين أيديهم ثروه حقيقيه يحتاجها المجتمع ولا يتم التقدم هذا الا بسواعد الابناء وتعاون الآباء حتي يصبحوا خير خلف لخير سلف …