- جريدة الجمهورية نيوز
- بقلم ✍ صفاء أحمد محمود
- مدير تحرير رابطة أطوار للسيدات العرب بالعراق
" الجحود في أبهى صوره "
ومن أمراض المجتمع أيضا ..
عقوق الآباء على الأبناء، وليس العكس فقط، وهذه الأمور عندما تصاب بها بعض الأسر، تكون كالخلايا السرطانية في الجسد، محدثة أورام خبيثة، لا يصلح لها سوى البتر لتلك الأعضاء المصابة، أو اقتلاعها من الجذور وكيها، حتى لا تعود وتلقي بقبحها من جديد على المجتمع كله، وهذا ما حثنا عليه رسولنا الكريم، في وصايا الآباء تجاه فلذة أكبادهم: ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وأيضا لا ننسى أبدا وصاياه صل الله عليه وسلم، للأبناء تجاه والديهم، فالعائلات الآن لم تعد كسابق عهدها،.. فيمكنك أن تعلم بالصدفة البحتة، أو عن طريق صور الفيسبوك مثلا، أن فلان والذي من المفترض أن يكون الأقرب إليك، أو بمثابة والدك، قد أقام عرسا لأحد أبنائه، وأنت لا تعلم ولم يدعوك لتشاركه، وكأنك ستحزن لفرحه،!! أو أن فلانه انتقلت من مسكنها إلى أرض الله الواسعة، ولا تدري أين ذهبت،!! أو أن غيره ترك وظيفته، أو إبن الأخ الذي إلتحق بكلية كذا، ولا تعلم إلا بعد تخرجه، وغيره خارج البلاد، وفلان الذي توفاه الله وتدرك أنه غادر الدنيا بعد أعوام!! وزيارات المرضى والسؤال عنهم والتي أصبحت منعدمة، أو نكتفي برسالة ندعوا فيها ونتمنى الشفاء لمن مسه الضر،.. و.و.و. والعديد من المواقف المشابهة، للأسف والأدهى من ذلك كله أن الأجيال لم تعد قادرة على التواصل بين أفراد العائلة الواحدة، فأصبح المجتمع على أرض الواقع نحيا فيه كالغرباء، وكل شخص لا يعرف سوى المحيط الصغير الذي يعيش فيه وفقط، ..هذا الطرح ذكرني بموقف أثناء الدراسة، وفي نفس القسم، وقد علم شخصان أنهما أبناء عم بسبب تشابه الأسماء!! وأنهما من نفس العائلة!! يحملان إسم نفس الجد من جهة الأب، صدق أو لا تصدق هل هذا يعقل!! وعلى الفور تعرفا ببعضهما واخذا صورا تذكارية، تعبيرا عن فرحتهم،
..أعتقد أنهما لا يدركان حجم تلك المأساة، هذه الصور من وجهة نظري لا أراها إلا توثيقا لتلك اللحظة "الحلوة المرة" فهي مزيج لا يطغى عليه سوى مرارة الغصة بالحلق، ... فمن السبب؟؟ هل الإنشغال بالمعارك الحياتية اليومية يمكنها أن تستنزف منا الكثير، ونفقد على إثرها أهم أسس الحياة دون أن نشعر!!؟
( الخلاصة أن التفكك الأسري والعائلي، أعتقد أنه جريمة في حق المجتمع المصري المتدين بطبعة المترابط، والذي كان دائما مثل الجسد الواحد، ومثالا يحتذى به في صلة الرحم والزيارات بين الأقارب، والحرص الشديد على الود والتراحم والذي نفتقده حاليا، فما يحدث الآن يحتاج إلى إعادة النظر) لأنه لا يثمر إلا بأبناء لا يقال عنهم إلا ("مرضى نفسيين") وهم حقا يحتاجون لمن يأخذ بأيديهم .. فاصلحوا ذات بينكم أثابكم الله.