بقلم/ عبد المجيد الحورانى
بلهجة حادة، هدد عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، الولايات المتحدة
بإنها ستدفع "ثمنا باهظا" بسبب تصرفاتها المتعلقة بتايوان. موقف وانغ ليس الأول،
لكنه أكثر تحديدا، وفي مواجهة الإجراءات الأمريكية المتعنتة للغاية تجاه الصين، إن
كان بالمقاطعة الدبلوماسية للأولبيماد الشتوية المقررة في بكين أو الدعم المسافة
لتايوان نكاية في الصين.
خلاصة الموقف الصينى الرسمى أن الولايات المتحدة "بتشجيع
قوى استقلال تايوان... لا تضع فقط الصين تايبيه في وضع بالغ الخطورة، ولكنها تعرض
الولايات المتحدة أيضا لدفع ثمن باهظ"، و"تايوان ليس لديها سبيل غير العودة للوحدة
مع البر الرئيسي".
معروف أن العقيدة الصينية تعتبر تايوان جزء من أراضيها، كما صعدت
في آخر عامين من الضغط السياسي والدبلوماسي للتأكيد على سيادتها عليها، وبالطبع ملف
هذه الجزيرة من ضمن أكثر القضايا المتفجرة بين بكين وواشنطن، وكما تلعب أمريكا
بورقة أوكرانيا مع روسيا، تعتبر تايون ورقتها لمكايدة الصين، وبكين صعدت في لهجتها
وإجراءاتها، وشددت على أن هذه المواقف الأمريكية المتجاوزة لن تسكت عليها طويلا.
ومن الرسائل المباشرة وغير المباشرة في الأولبيماد الشتوية المرتقبة في بكين، أنه
لا يمكن المساس بالعقيدة والمصالح الصينية، ولن تستمر بكين طويلا في هدوءها، وكان
هذا جليا في الموقف الصينى الحاسم في قرار الرئيس الأمريكى بمقاطعة الأولمبياد
الصينى الشتوى ديلوماسيا، وكان جليا بشكل أكبر في الدعم الدولى الكبير للصين في هذه
المواجهة، حيث لم تسير في الركب الأمريكى سوى استراليا وكندا وبريطانيا، واليابان
على مضض، فيما هاجمت دول عديدة هذه السياسة الأمريكية المتعنتة الرافضة للقيم
الأوليمبية، بل وقادت اللجنة الأوليمبية الدولية حربا ضد القرار الأمريكى، بل
واعتبرته دول تفاهة وسذاجة، وتشارك دول كثيرة جدا من المعسكر الأمريكى في
الأولبيماد الصينى المرتقب، في هزيمة واضحة للأمريكان وحلفاءهم المقربين.
لكن هل تستمر هذه الاستفزازات الأمريكية، التى أخذت أشكالا عديدة ما بين رياضية وسياسية بل
وحتى عسكرية؟!، وإلى متى تحافظ بكين على ضبط النفس، وتقف المسألة عند حد الردود
الحاسمة في العديد من الميادين، وهل ستخرج عن هذا الإطار؟!
أتصور، أن أمرا غير اعتيادي من الممكن أن يحدث، لأن الصين تتعرض لمساس أمريكى مستمر بالسيادة الصينية،
وبالتأكيد الصينيون لن يسكتوا على ذلك، والردود لن تستمر في الإطار السياسي
والاقتصادي والدبلوماسي، وسيكون الدعم الدولى الذي حصلت عليه بكين في ميدان
الأولبيماد الشتوى بكل أبعاد الأزمة السياسية والدبلوماسية والرياضية والإعلامية
دافعا كبيرا لاستمرار الصين في مواقفها الفاضحة للسياسة الأمريكية التى يرفضها أغلب
العالم، الذي لا يستطيع إغضاب الصين بشكل أو اخر، بسبب قوتها المتصاعدة، وعلى
الأمريكان أن يدركوا ذلك جيدا.