كتب الشيخ طة عبدالجليل
ليتفقهوا في الدين(الزواج إشهار)
بسم الله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه وبعد فقد شاع بين الناس عامة والمصريين خاصة أن الزواج إشهار وبالرجوع للأحكام الشرعية من كتب المذاهب الأربعة المعتمدة لم نجد أي واحد من الفقهاء يجعل الإشهار من أركان الزواج ولا حتي من شروط صحته ولكنه أمر مستحب وتركه مكروه عند بعض المذاهب مع صحة النكاح إن وقع بدونه وقد يهتم كثير من الناس بالأمر المستحب ويترك الركن والواجب فتقع كثير من الأنكحة باطلة ويعيش الناس في علاقات غير شرعية لا لشيء إلا أنهم اكتفوا بما يعرفون وكأن لسان حالهم يقول "إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ"وإذا دعاهم أحد إلي تحكيم الشرع فيما يعتقدونه صواباًوهوخطأأو بالأحري فيما يعتقدونه عمدة في الأمر وهو فضلة كان جوابهم نفس جواب أهل الجاهلية حين دعوا إلي شريعة الله فأبوا إلا موروثات الآباء والأجداد"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ" وللأسف ونحن في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي والتواصل السهل نجد من يتمسك بهذه الأمور خاصة في المدن دون القري وفي الزواج العرفي دون الرسمي فتجد من يجعل الزواج توقيع علي ورقة وقد ينفصل وقت توقيع الزوج عن الزوجة أو يوقع الشاهدان قبل الزوجان أو شاهد وبعده بيوم أو أكثر شاهدآخر ولم يشهد أي منهماشيئاًأو شهدا توقيعاً وليس عقداً وغالباً يخلو العقد من الصيغة المعهودة شرعاً وهي اللفظ الدال علي الإيجاب والقبول في مجلس العقد وعندما يسئل هؤلاء يزعموا أن سكان العقار يعلمون أو أنهم أشهروا زواجهم والزواج إشهار وفي الواقع هما لم يتزوجا أصلاً حتي يعلنا فادعوا وقوع زواج وقيامه عرفاً وليس شرعاً وكم من الأعراف مايخالف الشرع وينبغي التفقه في هذا الأمر لأن به تستباح الحرمات وترتكب المعاصي بدعوي الجهل في زمن لايعذر فيه أحد بجهله لأن الله عز وجل قال"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"وهؤلاء توفر لديهم أهل الذكر فلم يسألوا واعتمدوا علي معرفتهم القاصرة والتي مصدرها السماع من العوام وبئس المصدر هو ومكمن هذا الكلام ماذكره ابن قدامة في المغني قوله(وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالصَّوْتُ وَالدُّفُّ فِي النِّكَاحِ.» رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ» وَفِي لَفْظٍ: «أَظْهِرُوا النِّكَاحَ.» وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ بِالدُّفِّ)ويتضح مماذكر أن الأمرمستحب وترك المستحب لايفسد العقد والدليل علي صحة العقد بدون الإشهارعند سائر المذاهب المعتبرة ماذكره ابن قدامة في المغني أيضاً قوله(فَإِنْ عَقَدَهُ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ، فَأَسَرُّوهُ، أَوْ تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ، كُرِهَ ذَلِكَ، وَصَحَّ النِّكَاحُ. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَمِمَّنْ كَرِهَ نِكَاحَ السِّرِّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ النِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ: لَا، حَتَّى يُعْلِنَهُ.وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْحُجَّةُ لَهُمَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا. وَلَنَا قَوْلُهُ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ.» مَفْهُومُهُ انْعِقَادُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْإِظْهَارُ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ إظْهَارُهُ كَالْبَيْعِ، وَأَخْبَارُ الْإِعْلَانِ يُرَادُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ، بِدَلِيلِ أَمْرِهِ فِيهَا بِالضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَالصَّوْتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ، فَكَذَلِكَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ أَحْمَدَ لَا. نَهْيُ كَرَاهَةٍ، فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا حَكَيْنَا عَنْهُ قَبْلَ هَذَا بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ إعْلَانَ النِّكَاحِ وَالضَّرْبَ فِيهِ بِالدُّفِّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ بَعْدَ عَقْدِهِ، وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَاعْتُبِرَ حَالَ الْعَقْدِ، كَسَائِرِ الشُّرُوطِ.انتهي) .وعلي ماسبق يتضح لنا أن عبارة الزواج إشهار لا أساس لها من الصحة والأولي قولنا الزواج أركان والأركان مجموعة عند المذاهب الأربعة في الصيغة باتفاق وفي الولي عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة في حق البكرالبالغة والثيب ،والشاهدان علي اختلاف هل هما ركن أم شرط صحة،والعاقدان علي اختلاف بين المذاهب ،والمحل والصداق عند المالكية ،ومعني الصيغة أي اللفظ الشفوي في نفس مجلس العقد أمام الشاهدان ،والشهادة هنا ليس توقيعاً ولا علماًفقط بل حضور مجلس العقد ورؤية وسماع الزوجين في الصيغة لذا لابد من كشف المرأة وجهها في مجلس العقد إن عقدت زواجها بنفسها عند من أجاز ذلك من الفقهاء المعتبرين ،فإن فقد ركن أو اختل شرط صحة مماذكر وقع العقد باطلاً ولا ينرتب عليه أحكام إلا ثبوت النسب إن حدث حمل والعدة إن أرادت الزواج بآخر مع اقترافهما للإثم والذنب لاعتمادهما علي موروثات لم تصح شرعاً وترك السؤال للمختصين قبل وقوع العقد ولا عذر حينئذ بالجهل حاصة مع تيسير سبل العلم أكثر مما كانت عليه سابقاً والله تعالي أعلي وأعلم وإلي لقاء آخر إن شاء الله