من سلسلة ليتفقهوا في الدين نعيش وإياكم تحت عنوان(الفجر أفضل أم الظهر)
بقلم الشيخ طة عبدالجليل
بسم الله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه وبعد:-
فإن كثيراً من الناس المقصرين في الصلوات ،والذين لا يؤدونها في موعدها دون عذر أو لا يؤدونها أصلاً ،يذهب بفكره الضال والذي يوحي له به الشيطان ،أن الصلوات الخمس تتفاضل فيما بينها ،وذلك أمر لا سند له إلا الهوي واتباع خطوات الشيطان ،فربما صلي الفجر حاضراً في موعده يوماً ما،لأنه كان سهراناً في عمل أو سفر أو ماشابه ذلك ،فيمكث يومه كله لا يصلي ،ويوحي إليه الشيطان بالراحة النفسية ،لأنه بدأ يومه بصلاة الفجر في موعدها ،فإذا سئل لمَ لمْ يصل الظهر في موعدها كما صلي الفجر مثلاً؟أو لمَ لمْ يصل يومه هذا كله أصلاً سوي الفجر ؟ قال لك :أنا الحمد لله صليت الفجر حاضر النهاردة ،وحاسس إن ربنا راضي عني واليوم كله رزق وماشابه ذلك ،والمسكين لا يعلم أن ذلك استدراج من الشيطان له،ليرضي من نفسه بالهوان والقليل أو النادر ،في نظير تركه للصلوات الباقية ،وهذا أمر لا تتعجب منه بقدر عجبك من إحساسه بالراحة النفسية لما يفعل ،وصدق الله تعالي إذ يقول" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"ومثله كمثل من لا يصلي سوي الجمعة أو رمضان فإذا سئل عن تقصيره قال :كثر خيري إنني بصلّي هو أنا كنت كدا الأول ،مساكين هم العصاة ،قاسوا حاضر حياتهم علي ماضيها فركنوا إلي المعصية ولقد سئل ابن عياس رضي الله عنهما عن قوله تعالي" فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"هل هم من تركوا الصلاة ؟قال لا بل هم من أخروها عن وقتها فقط ،فلو أرشد هؤلاء لقاسوا حاضرهم علي حاضر من هم أفضل منهم درجة ،ليعلموا كم هم قصروا،وربما تعلل أحدهم بحديث " مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ"أو قوله تعالي في الآية" حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ :"وإن صح مفهوم الآية والحديث بأن المقصود صلاتي الصبح والعصر ،فلم يقل أحد قط من المفسرين أو المحدثين بأن صاحب البشارة يكون تاركاً لباقي الصلوات ،أو لا يؤديها في وقتهاولا عذر عنده ، كمن عليه فوائت ويقول لك : ربك غفور رحيم ،المهم اللي جاي ،وما دري المسكين أنه دين لا يقضيه غيره ولا تنفع فيه الإنابة ، لأن الصلاة عبادة ذاتية ،لا يقوم فيها شخص مكان آخر حتي لو توفي ، ولا يجوز قضاؤها بدلاًعنه ، ولا كفارة لها ، للحديث " مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَاكَ، ثُمَّ تَلَا {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}." فاتقوا الله واعلموا أن الحديث يقول " إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ" والمقصود هنا كل صلاة فالفجر كالظهر كالعصر وغيره،كباقي الفرائض ،والفجر والصبح كلمتان مترادفتان تحملان نفس المعني وليستا مختلفتان كما يظن الكثير والله تعالي أعلم وإلي لقاء آخر إن شاء الله .