Beautiful baby
recent
أخبار ساخنة

زواج القاصرات بين العرف والدين


 من سلسلة ليتفقهوا في الدين (زواج القاصرات بين العرف والدين)

كتب  الشيخ طة عبدالجليل

بسم الله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه وبعد

فقد شاع في بعض الأقاليم والمناطق الشعبية ظاهرة زواج القاصرات ، ومن الأجدر بنا أن نعرف أن تحديد سن الزواج لابد وأن تراعي فيه الفروق الفردية ،والأصل في الشرع بلوغ الفتيات سن الزواج حتي لا يتسبب الزواج في الإضرار بهن ،ولنصل لرأي سديد في هذا لابد من مشاورة الأطباء الثقات، ويرجع هذا الأمر عند من تجاوزوا فيه ووقعوا في هذا الخطأ ،إلي الجهل والأعراف الخاطئة وربما عزاه كثير من الناس إلي الدين زوراً وبهتاناً ،واستشهادهم في ذلك بفهم خاطئ وهو زواج النبي صلي الله عليه وسلم بالسيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين ،وقد سلك العلماء في تصحيح هذه الصورة مسلكين كلاهما خطأ ،فبعضهم ذهب للروايات الضعيفة ليدفع بها ادعاءات الناس بأن النبي صلي الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي قاصر ،تاركاً بذلك الروايات الصحيحة المؤكدة،والبعض الآخر أخذ يسلك سبيل الرأي الواحد الذي يري أنه من الخير تزويج الفتاة وهي قاصر ،لأن أهلها أدري بما يصلح حالها ولا دخل للعالم الغربي في ذلك ، وأن كثيراً ممن تزوجن تحملن فيما بعد المسئولية ،ونجحت حياتهن وحالات الضعف قليلة لا قياس عليها ،ولا يحق لقانون أن يتدخل في حياة الناس الشخصية ، ولكن الصواب أن نسلك طريق الموضوعية فحديث زواجها بنت تسع مروي في الصحيحين ولا شك في صحته ،وتحديد سن الزواج بثمانية عشر سنة أمر شرعي ،لأن من حق ولي الأمر تقييد المباح وضبطه بما فيه المصلحة بعد الرجوع للمختصين من الأطباء وعلماء الاجتماع والشرع ،بقي أن نعلم أن طبيعة البلاد الأسيوية وخاصة مكة والمدينة وما حولهما تصل فيها كثير من الفتيات مرحلة البلوغ في سن التاسعة وما بعدها فعن عائشة رضي الله عنها قالت:(إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة)فالسيدة عائشة عند زواجها بالنبي لم تكن قاصراً ،ثم إن أهل مكة حين خطبها النبي من والدها الصديق تأخر الصديق في الرد لأنه كان قد وعد المطعم ابن عدي أن يزوجها لولده جبير فأحب أن يستوثق من ترك الخاطب للأمر قبل أن يجيب النبي علي أمرها ،فلما راجع المطعم في الأمر قال:أخاف أن تحمل ابنتك ولدي علي أن يصبأ مثلكم ويترك دين آباءه -وكانوا مشركين-وهنا علم أبوبكر بإعراض الخاطب الأول من والده فأعلن خطبتها للنبي صلي الله عليه وسلم ،وهذا خير دليل علي أن عائشة كانت بالغة لتخطب وتتزوج ولو كانت غير ذلك لاستنكر أهل مكة علي النبي وصحبه الأمر وهم من يتصيدون الأخطاء ،خاصة وأن الخطبة تمت بمكة قبل الهجرة ،ولم تكن عائشة وحدها في ذلك الوقت هي الفتاة التي تزوجت رجلاً في عمر والدها ،فقد كان أمراً لا تستنكره العرب مادامت الفتاة بلغت المحيض وبنيانها الجسماني يترجم عن غياب الإستنكار في حالها ،فقد تزوج عبد المطلب وهو سيد قومه وكان شيخاً مسناً من هالة الزهرية بنت عم آمنة في نفس اليوم الذي تزوج فيه أصغر أولاده عبدالله من آمنة بنت وهب الزهرية ،كما تزوج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهو أكبر من والدها بسنوات ،كما عرض عمر علي أبي بكر الزواج بحفصة ابنته الأرملة الشابة وبينهما من السن كما بين النبي وعائشة رضي الله عنها،ثم إن زواج أم المؤمنين عائشة كان بأمر إلهي رآه النبي في المنام وكانت الحكمة منه حفظ هذا الدين بحفظ السنة ،والتي لا تقوم بها امرأة كبيرة تنسي كثيراً وليس عندها نجابة وفطنة في التحصيل والتبليغ كعائشة الشابة العالمة القارئة ،لكن إن انتقل الأمر للبيئة المصرية وصار أمر البلوغ لدي البنات فوق ذلك السن لطبيعة البلاد وتحمل الحمل والرضاعة ومسئولية المنزل فوق ذلك صار سن الثامنة عشر ةالذي حدده القانون المصري هو العمر الشرعي المناسب للزواج عند الجنسين وقبله يصير مخالفاً لولي الأمر وعليه يكون مخالفاً لأمر الله ورسوله ،وليس محققاً لمقاصد الزواج ،وملحقاً ضرراًبالغاًبالفتاة القاصر والتي لا تدرك أمر نفسها ورأيها في ذلك السن ،وعليه فأمر زواج القاصرات المنتشر عند بعض البيئات لا علاقة له بالدين ،وإنما هو جهل وعرف خاطئ ،ومخالفة لمصلحة الفرد والمجتمع ،وتقصير في حق من استرعاه الله عليها وهو مسئول عنها يوم القيامة،لكن العجب فوق ذلك من المجتمع الغربي والذي يري جرم زواج القاصرات ونحن نتفق معه في ذلك،ولا يري حتي الآن جرم اغتصاب طفولة الفتيات حتي تعد الفتاة التي جاوزت الخامسة عشر وما زالت بكراً سبة وعاهة في المجتمع حولها بين قريناتها ،وفي الوقت الذي يتيح القانون الغربي للرجال الإعتداء علي هاتيك الأطفال في عمر الزهور وليته بزواج مسئول مقنن بأي شكل ،ولكنه بعلاقات محرمة لا ضابط لها ولا دافع من وراءها سوي الشهوة البهيمية ،ثم يعيب علي غيره إن فعل ذلك تحت مسمي الزواج فأصبح عنده خلل في الموازين ،لا يري الأمر المستنكر الفظيع بل ويحميه ويشجع عليه ،ويري المخالفات الجزئية جرماً يقيم لها الدنيا ولا يقعدها ،ويلصقها بالدين والدين مكنها براء "فمالكم كيف تحكمون "؟!!وإلي لقاء آخر إن شاء الله تعالي

google-playkhamsatmostaqltradent