Beautiful baby
recent
أخبار ساخنة

فاطمة مصطفى "إستشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية" تكتب للجمهورية نيوز.. ( بداية جديدة / العفو عند المقدرة )



• تتردد على مسامعنا هذه المقولة على مدار العديد من السنوات والعصور، واختلف فى تفسيره علماء الدين والاجتماع وعلماء النفس أيضاً وكذا بعض الفلاسفة، كلا منهم على حسب أهوائه وقناعاته، وأيضاً من خلال أبحاث وتجارب وواقع اجتماعى ارتبطوا به .


• إستوقفنى كثيراً ما هو المقصود منها ؟! وما معناها  وتفسيرها؟  وهل سوف يختلف معناها  الدينى عن الإجتماعى ؟ وهل يوجد لها أى آثار نفسية سواء إيجابية أو سلبية ؟  وهل فعلا هى الرخصة أو التصريح  الذى أعطاه الله سبحانه وتعالى للعفو عن الظلم أو حتى التغاضى عنه ؟ وهل العفو أو التسامح يكون مادى ( هنا ليس المقصود المال ) أو معنوى أو الإثنين معا ؟

وهل ..وهل؟


• تعددت الأسئلة وأصبحت أخرج من سؤال إلى الآخر، من إجابة إلى أخرى وكل إجابة مختلفة عن الأخرى وتؤدى إلى إجابة أخرى إلى أن انتهى بى المطاف إلى بعض الحقائق التى لا تقبل الجدال و تعمدت هنا أن أقول لفظ  بعض الحقائق لأن بحرعلم النفس والاجتماع  وأيضاً الدين لا يستطيع أحد أن يصل لآخره خصوصاً أن النفس البشرية متقلبة ومختلفة من شخص إلى آخر:

   العفو بيبقى تصرف ورد فعل من الشخص المظلوم إلى الشخص الظالم ولكى يحصل الشخص الظالم على هذا العفو لابد من الإعتذار أولاً والإعتراف بالخطأ ثانياً ويكون الطرف الظالم على اقتناع  تام بما سببه من ألم  نفسى وبدنى حتى لا يتكرر مرة أخرى و تقديم التعويض المناسب  حتى يصل الطرف المظلوم إلى مرحلة الرضا التام .

   العفو ليس معناه أننى غير قادر أو ضعيف أو شخص لا يقدر قيمة نفسه بل هو وصل لمرحلة اليقين التام بالله وعدله وتعويضه عن ما لحق به من ضرر .

   من الممكن بل من الأكيد أن العفو يخرج من اللسان فقط ( يكون مجرد لفظ يقال ) وليس من القلب وهنا ياتى المعنى الحقيقى والمقصود حرفيا  "للعفو عند المقدرة "  لأن القلب إذا لم يستطع الغفران والتسامح  ورجوع الشخص إلى نفس المكانة  التى كان عليها من قبل فهذا يؤكد معنى المقولة، وهنا تكون مقدرته وغفرانه أضعف من قوة الظلم الذى لحق به  وتسبب له فى أذى نفسى


   "عند المقدرة " هى قدرة الإنسان على التنازل عن كرامته وكبريائه وكيانه وحقه  أو بمعنى أقل وجعاً التغافل عن الأذى النفسى الذى لحق به  ورجوع الشخص إلى نفس المكانة  وليس معناه أننى ألحق الضرر به  أو أتسبب  فى أى أذى له سواء بدنى أو نفسى لو أتيحت الفرصة أمامى، وإذا لم يحدث ذلك فقد عفوت، لا ليس ذلك نهائى .. العفو يأتى من القلب قبل العقل ويكون عفو نفسى قبل أن يكون مادى..

   • إما أن أتركه وأفوض الله وأنا على يقين بأن الله سوف يرد حقى وهذا ليس عفو ولكنه خروج الشخص من دائرة الإهتمام والبصر، العفو لابد أن يحدث من العقل والقلب معاً و يشترط  فيه أيضاً رجوع الشخص لنفس المكانة التى كان عليها من قبل حتى أن تتم أركان العفو كاملة، ومن هنا يأتى  دور الطرف التانى فى محو هذا الخراب الداخلى وآثاره.

 

• فهل يستطيع أياً منكم أن يحقق هذه المعادلة الصعبة ويغفر بقلبه وليس بلسانه  وتجتمع فيه كل أركان العفو؟.. 

• أعتقد أننى قد اوضحت تفصيلياً وبوضوح معنى " العفو عند المقدرة " وأياً كانت النتيجة سواء سلبية أو إيجابية وقد تم التسامح والغفران عن طريق اللسان فقط  أو اللسان والقلب معاً سوف نصل إلى مرحلة جديدة من حياتنا إما برجوع هذا الشخص أو بداية جديدة مع أنفسنا..

سوف أترك لك عزيزى القارئ الإجابة ... هل استطعت أن تعفو عفواً حقيقياً أم أنه مجرد لفظ ؟

google-playkhamsatmostaqltradent