Beautiful baby
recent
أخبار ساخنة

هبة فؤاد أيوب..تكتب حكاية سوق السُّلطة


 حكاية: سوق السُّلطة

في مدينةٍ لا يعرف أهلها سوى الكلام في الظلّ، كان هناك سوقٌ للعجائب… يسمّونه سوق السُّلطة.

لا تُباع فيه سلع، بل تُباع المواقع والفرص والأحلام.

وقف في قلب السوق خمسة أشخاص، كلٌّ منهم جاء يطمع في نصيب:

 1. صاحب الخبرة… رجلٌ يعرف من أين تُؤكَل الكتف، لا تفوته حركة ولا يمرّ أمامه غافلٌ إلا وعرف ثمنه يعرف متى يدخل المزاد ومتى ينتظر.

 2. صاحب اللسان الطيب والنية السيئة… يُلقي بالكلمات عسلاً، ويُخفي خلفها شوكًا.

 3. صاحب المال الجاهل… يظنّ أن الذهب يشتري العقول قبل المقاعد.

 4. صاحب الأمل الفقير… لا يملك سوى حلمًا نظيفًا ويدين فارغتين.

 5. صاحب النفوذ… يمرّ بينهم كريحٍ باردة تفرض حضورها دون جهد.

 6. وصاحب الصوت العالي… الذي يخوّف من يقترب منه، فيعلو صوته كلما نقص حجّته.

وهنا… بدأ المزاد.

رفع الدلال صوته:

“من يزيد؟ من يشتري؟ من يملك ما يكفي ليجلس فوق رقاب الناس؟”

في البداية كان المشهد منضبطًا… حسابات دقيقة، نظرات محسوبة، ووعود تتطاير في الهواء كالأوراق.

لكن…

في لحظة غفلة—مقصودة من البعض، وغير مقصودة من الآخرين—تحوّل السوق إلى مولد.

اختلط الحكيم بالجاهل، والصادق بالمخادع، ورافِع اليد بالأمل بالذي يرفعها بالطمع..

تداخلت الأصوات… وارتفعت الطبول… ونسى الجميع أن هذا مزاد لا مولد.

لكن…

الصُّحبة لم تكن غائبة.

كانت هناك عيون تراقب من بعيد… عيون تعرف الحق من الباطل،

وتعرف أن السلطة التي تُباع في سوق…

ولا يتحصّن أصحابها بالأخلاق…

يُصيبها الفساد قبل أن تصل إلى مقعدها.

وعندما انتهى الصخب كما ينتهي كل مولد لم يبقَ في السوق سوى الحقيقة:

أن من اشترى موقعًا لن يُديره بعقل،

ومن اشترى الناس بكلمة لن يحفظ وعدًا،

ومن اشترى بالمال سيسقط عند أول امتحان،

وأن صاحب الأمل… وإن خرج خالي اليدين…

خرج أنظفهم قلبًا،

وأقربهم إلى صُحبة الحق التي لا تغيب.

ولأن كل سوق وله نهاية…

فلا يبقى فيه إلا من دخل بضمير،

أما من دخل بخداع أو طمع…

فخروجه محتوم، وإن تأخّر

google-playkhamsatmostaqltradent